كتاب مفتوح من لينا المر نعمة الى نجيب ميقاتي

ردًا على كلام نجيب ميقاتي حول شادي المولوي، أعيد نشر كتابي المفتوح الذي وجهته لميقتي في تموز ٢٠١٢، والذي يروي حقيقة قصة شادي المولوي وتوابعها. ذلك أن شادي المولوي، الذي حرره ميقاتي والصفدي، هو الذي أشعل نار الحرب على الجيش اللبناني في طرابلس:

دولة الرئيس
منذ بضعة أسابيع، أوقف شادي المولوي في مبنى تابع للوزير الصفدي، وأشعل السلفيون مدينتك طرابلس.
ليس من شأني الحكم على تهمة المولوي، فهي من مسؤولية القضاء. إنما من حقّي أن أشكك في براءة رجل يقبل أن يحرق أصدقاءه مدينته فيسقط ٥ قتلى ما عدا الجرحى، بغية إخراجه من السجن. إنسان لا علاقة له بالإجرام، لا يشكر رفاقه إن قتلوا الأبرياء من أجله، فهذا يجعله شريكًا في جرمهم.
لقد حرره القضاء بضغط من حضرتك، يا سيد ميقاتي، ومن السيد الصفدي. أنتما رجلان متمولان كثيرًا وتخشيان خسارة بعض ممتلكاتكما. تفكران في الانتخابات المقبلة. كل هذا أفهمه، لكن من واجبي أن أقول لك إن ليس من المشرف أن يقوي رئيس الوزراء قتلة الأبرياء على حساب الأمن العام والجيش والمواطن الطرابلسي. وذلك، مهما ارتفعت الثروات وقرب موعد الانتخابات. واجبك معاقبة هؤلاء القتلة وفرض النظام الذي تتوق إليه غالبية الشعب الطرابلسي الصامتة. فطرابلس هي عاصمة لبنان الثانية، ويحق لها في الأمن كبيروت، يا دولة الرئيس.

Lebanese Army Tripoli

ولم تكتفِ بحماية المجرمين، بل أضعفتَ سلطة الدولة أكثر بوضع الجيش في مواجهة قوى الأمن في طرابلس، بعدما ضغطتَ على القضاء لإطلاق المولوي، الذي تجاسر وقال إن الدولة اللبنانية لا تستطيع ألّا ترضي السُّنَّة، كأن الطائفة الكريمة التي ينتمي إليها هي من عرق أسمى من الطوائف اللبنانية الأخرى.
وفي المحكمة، تزاحم الوزراء ليعرض كل منهم على المولوي خدمة سياراته. هكذا يتزاحم سائقو التاكسي في المطار عند رؤية مسافر. وفاز الوزير الصفدي بالمباراة، وركب المولوي سيارته الوزارية التي نقلته الى طرابلس.

Shadi Mawlawi free

ورُفضت سيارتك يا دولة الرئيس، لكنك دَعَوْتَ المولوي إلى زيارتك في منزلك. وقيل في بعض الصحف إنك قدمت له عشرة آلاف دولار، لكن مكتبك نفى ذلك في ما بعد. فالأمر، أصحيحًا كان أم لا، قد يضرك كثيرًا إذا تناقلته الألسن.
وفي تلك الحقبة، حان وقت الذكرى السنوية لضحايا مجزرة حلبا.
لكن السلفيين قرروا إقامة احتفال آخر في مكان قريب.
فأرسِل الجيش لمنع وصول الأسلحة، حماية لكل مَن سيشارك في أحد الاحتفالين.
وكما نعلم كلنا، يؤمَر الجيش، حين ينصب حاجزًا، بأن يطلق النار على إطارات السيارات إن لم تتوقف، وعلى ركابها إن تابعوا سيرهم أو أطلقوا النار.

Sheikh Abdel Wahed

وهذا ما حدث في الكويخات: مر موكب من سيارتين، إحداهما تحمل عددًا كبيرًا من البنادق في صندوقها. فأمر الجنود السائق بالتوقف، لكنه لم يمتثل إلى الأمر، لا بل أطلِقَ النار على الجنود، وأصيب أحدهم. فرد رفاقه على النار، وقَتلوا شيخين سلفيّين، منهما الشيخ عبد الواحد الذي اشتهر بتهريبه الأسلحة لمساعدة فتح الإسلام ضد الجيش، أثناء معركة نهر البارد.
لِم لم تتسلم الصحافة صور الجنديّ الجريح؟ لأنها قد تثبت أن الجيش قام بالواجب، وأن النار أطلِقت عليه أولًا؟
وتحت ضغط الشارع السلفي، وتحت ضغطك أنت، يا دولة الرئيس، سُجِنَ العسكريين الذين أطاعوا الأوامر.
لماذا لم يفعل الجيش شيئًا للدفاع عنهم؟ إنه يخشى بعض السياسيين الذين يستمدّون قوتهم وتمويلهم من التزاماتهم الخارجية. لكن أفراد الجيش أيضًا، في حاجة الى الأمان. الأمان عندما يطيعون الأوامر. إن كانت الأوامر سيّئة، يجب معاقبة الذي أعطاها، لا الذي نفذها.
وبعد تحرير المتهم بالإجرام، وبعد زجّ العسكريين الأبرياء في السجن، قررت، يا سيد ميقاتي، أن تحرر الموقوفين الإسلاميين الذين اعتقلوا بسبب أحداث نهر البارد. لتبرير اهتمامك واهتمام وزير الداخلية بهم من دون سواهم، قيل لنا إنهم في السجن منذ ٥ سنوات.

Mikati_Tripoli

نحن مع تطبيق القانون وإطلاق الموقوفين بعد انتهاء مدة ما، حتى إن لم يُحاكَموا. لكن لمَ يُطلق الموقوفون السلفيون ولا الموقوفون المسلمون غير السلفيين، أو الموقوفون من سائر الديانات؟ في سجن رومية نفسه، يوجد رجال ينتظرون حكمهم منذ ٧ سنوات أو أكثر، وبعضهم أوقف لأنه سرق مئة ألف ليرة وليس لأنه عمل مع حركة إرهابية قتلت لبنانيين مدنيين وعسكريين.
وبعد بضعة أيام، أخلى المدّعي العام رياض أبو غيدا الضبّاط الموقوفين في قضيّة الشيخ أحمد عبد الواحد ورفيقه. فهدد السلفيون بتفجير طرابلس والشمال. فتوسطتَ، يا دولة الرئيس الذي لا تكف عن الخوف على ملياراتك المستثمَرة في المملكة السعودية، وعلى شعبيتك الانتخابية في طرابلس.
فعاد المدّعي العام وأوقف الضباط ثانية.
هذا عمل تعسفي يا سيد ميقاتي، لا يجوز في أي بلد القيام به. هدفه هدم معنويات الجيش كي لا يعود يدافع عن الوطن. فيغدو لبنان من دون جيش حين تدق ساعة محاولة الاستيلاء عليه لتحويله إلى… إلى ماذا؟ ربما إلى هذه الجمهورية الإسلامية السلفية التي يطالب بها معظم الذين تظاهروا ضد تحرير الضباط.
لكان أقل أذىً لسمعة الدولة، ألّا يخرَج الضباط من السجن أبدًا.
وباتت اليوم الغالبية في لبنان، بكل طوائفه، غاضبة.  ولكن هل تسمع أذناك صوتها الضميري، أكثر من صوت القلَّة التي تحرق الدواليب وتقتل الأبرياء؟
يا سيد ميقاتي، هل أنت تترأس جمهورية آل كابوني، التي كانت تحمي المجرمين وتتخلى عن الغالبية البريئة؟

لينا المر نعمة

هذا الكتاب المفتوح صدر في ١٦ تموز ٢٠١٢ في موقع النشرة الإلكتروني. ورد عليه الوزير الصفدي في الموقع نفسه، لا لينفي محتواه، بل ليقول إن شادي المولوي لم يذهب إلى طرابلس في سيارته. ونسأل لماذا لم يكذب الصفدي وسائل الإعلام المرئية التي نشرت الخبر على الهواء، في لحظة إطلاق المولوي.

Email Twitter Facebook Pinterest Google+ Linkedin